
مذكرة تفاهم بين السيادي السعودي و«سايت» ومايكروسوفت تهدف لتمكين التحول الرقمي الآمن
خلال منتدى الاستثمار الأميركي - السعودي في واشنطن، أكد ولي العهد محمد بن سلمان على أهمية اغتنام الفرص الجاذبة التي توفرها الشراكة السعودية الأميركية. وصف الرئيس الأميركي دونالد ترمب ولي العهد بأنه أحد أعظم القادة في العالم، مشيراً إلى أن السعودية هي أكبر حليف لأميركا من خارج الناتو. جاءت هذه التصريحات خلال المنتدى الذي عُقد يوم الأربعاء، والذي تزامن مع الزيارة التاريخية لولي العهد، حيث تم الإعلان عن توقيع اتفاقيات في العديد من القطاعات بقيمة تصل إلى 270 مليار دولار.
عبّر ولي العهد عن ثقته بأن الشراكة الاقتصادية مع أميركا ستشهد نمواً غير مسبوق خلال السنوات المقبلة، داعياً للاستفادة من الفرص الجاذبة التي توفرها. وقال: "نلتقي بعد ستة أشهر من انعقاد المنتدى السعودي - الأميركي في الرياض خلال زيارتكم فخامة الرئيس، حيث وضعنا الأسس لشراكة تقوم على النمو والتنويع الاقتصادي والابتكار، كما وقَّعنا وثيقة الشراكة الاقتصادية الاستراتيجية بين بلدينا في خطوة تاريخية لترسيخ التعاون الاقتصادي."
وأضاف ولي العهد: "اليوم يسرنا توقيع اتفاقيات ومشروعات استثمارية جديدة تتضمن قطاعات الدفاع والطاقة والذكاء الاصطناعي والمعادن النادرة والقطاع المالي، ما يسهم في توفير فرص وظيفية والنمو الاقتصادي في بلدينا." وأعرب عن أمله في أن يسهم المنتدى في تعزيز العلاقة التاريخية وتطوير مسار الاستثمار بين البلدين بما يتماشى مع طموحاتهم، مقدماً شكره للرئيس الأميركي على اهتمامه بتعزيز الشراكة الاقتصادية.
أشاد ترمب بالتحالف الاستراتيجي مع السعودية، موجهاً شكره لولي العهد على تطوير العلاقات بين البلدين، مؤكداً أن هذه الفترة تمثل "أفضل تسعة أشهر شهدتها العلاقات السعودية الأميركية." ووصف ولي العهد بأنه "قائد جريء وملتزم بالعلاقات بين بلدينا"، مشدداً على أن جهودهما المشتركة جعلت التحالف "أقوى مما مضى." وأكد ترمب مكانة المملكة بوصفها "إحدى أكبر الدول الحليفة لأميركا" بل "أكبر حليف لأميركا من خارج الناتو."
في سياق تعميق هذه الشراكة، أشار إلى التوقيع على اتفاقيات مهمة في مجالات الذكاء الاصطناعي والدفاع والمعادن، وتوقيع "أكبر صفقة عسكرية في العالم" مع المملكة. كما سلط الضوء على الحجم الهائل للاستثمارات السعودية في الولايات المتحدة، حيث أعلن ولي العهد عن وصول حجم هذه الاستثمارات إلى تريليون دولار. وأضاف أن الاتفاقيات التي من المقرر توقيعها اليوم في المنتدى تصل قيمتها إلى 270 مليار دولار، ما يعكس متانة "علاقة الصداقة القوية" التي تربط البلدين.
أكد ترمب التزام إدارته بمواصلة دعم الصناعات الأميركية من خلال سياسة "القيام بالمزيد من عمليات الحفر للحصول على الطاقة"، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة متقدمة "بأشواط على الصين" في مجالات الذكاء الاصطناعي والنووي، ومؤكداً رغبة واشنطن في مساعدة أصدقائها في صناعة الرقائق الإلكترونية. ووجه تحية خاصة للقادة والمستثمرين الحاضرين، قائلاً إنهم "الأفضل خاصة في ظل إدارة ترمب."
أكد أنه سيعمل على إنهاء الحرب في السودان بعد أن طلب منه ولي العهد التدخل لحل الصراع. وقال: "سمو الأمير يريد مني القيام بشيء حاسم يتعلق بالسودان"، مضيفاً: "لم يكن السودان ضمن الملفات التي أنوي الانخراط فيها، وكنت أعتقد أن الوضع هناك فوضوي وخارج عن السيطرة، لكنني أرى مدى أهميته بالنسبة إليكم ولعدد كبير من أصدقائكم في القاعة. سنبدأ العمل على ملف السودان."
شهدت العاصمة الأميركية واشنطن، الأربعاء، انعقاد المنتدى الاستثماري الأميركي - السعودي تحت شعار "من الرياض إلى واشنطن: الشراكة التي تدفع التقدم"، بحضور رفيع يتقدمه ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء السعودي، والرئيس الأميركي. رفع الحضور مستوى التوقعات بإعلان اتفاقيات واسعة في مجالات الطاقة والتقنية والتمويل، احتفاءً بعقد من التعاون والنمو المشترك بين البلدين.
في كلمته الافتتاحية، أكد المهندس خالد الفالح، وزير الاستثمار السعودي، قوة الشراكة الممتدة تسعة عقود، مشيراً إلى أن الزيارة ستشهد إطلاق اتفاقيات بقيم تصل إلى مئات المليارات من الدولارات. من جانبه، قال وزير التجارة الأميركي هوارد لوتنيك، إن التزامات الاستثمار السعودية في مايو بلغت 600 مليار دولار و142 ملياراً في الدفاع والأمن، ارتفعت أمس إلى تريليون دولار، موضحاً أن هذه الاستثمارات ستعزز الابتكار وتدعم خلق الوظائف في الولايات المتحدة.
في جلسة "قادة الطاقة" بمركز كنيدي، بحث أمين الناصر الرئيس التنفيذي لشركة "أرامكو السعودية"، ومحمد أبو نيان رئيس مجلس إدارة "أكوا باور"، ومايكل ويرث الرئيس التنفيذي لشركة "شيفرون"، مستقبل الطاقة العالمي والشراكة السعودية - الأميركية. وأشار ويرث إلى اكتشاف "شيفرون" أول نفط سعودي عام 1938، فيما كشف الناصر عن مذكرات تفاهم جديدة بقيمة 30 مليار دولار، ليرتفع إجمالي الاتفاقيات الموقعة هذا العام إلى أكثر من 120 مليار دولار.
وأوضح المتحدثون أن الولايات المتحدة ستمثل بحلول 2040 نحو 40 في المئة من سوق الطاقة العالمية، مستفيدة من انخفاض تكاليف الغاز والابتكار التكنولوجي. ورفض الناصر مصطلح "التحول في الطاقة" مفضلاً مفهوم "الطاقة المضافة"، لافتاً إلى أن الهيدروكربونات لا تزال تشكل 80 في المئة من مزيج الطاقة العالمي، ومتوقعاً استمرار نمو الطلب حتى 2050 وما بعده، وسط مخاوف من نقص استثماري قد يسبب أزمة عرض.
من جهته، أكد أبو نيان أن السعودية مهيأة لتكون مركزاً عالمياً للكهرباء النظيفة والهيدروجين، وقادرة على تلبية الطلب المتصاعد من تقنيات الذكاء الاصطناعي، مرجحاً أن تصبح المملكة "مركز بيانات العالم." وفي جلسة "فتح آفاق تدفق رأس المال"، شدد قادة المال والاستثمار على أن السعودية والولايات المتحدة أمام مرحلة تاريخية من تدفق متبادل لرأس المال.
أكد طارق السدحان، الرئيس التنفيذي للبنك "الأهلي السعودي"، أن السعودية باتت أكثر جاذبية للمستثمر الأجنبي بفضل إصلاحات عميقة، فيما أشارت سارة السحيمي، رئيسة مجلس إدارة "تداول السعودية"، إلى أن الاستثمار الأجنبي في السوق المحلية يبلغ نحو 100 مليار دولار، نصفه أميركي. وذكر رون أوهانلي، رئيس "ستيت ستريت"، أن السعودية تبني أسواق رأس مال بمعايير عالمية، بينما رأى ستيفن شوارزمان، الرئيس التنفيذي لـ"بلاكستون"، أن الطاقة والذكاء الاصطناعي يقودان النمو في الولايات المتحدة، مشيراً إلى شراكات مع "هيوماين" لبناء مراكز بيانات متقدمة في المملكة.
أكد مايكل ميلكن أهمية رأس المال البشري، مشيداً بتقدم مشاركة المرأة السعودية في الاقتصاد، فيما أشار جورج ووكر، رئيس "نيوبرغربيرمان"، إلى حماسة المستثمرين العالميين تجاه السوق السعودية. وخلصت الجلسات إلى أن السعودية لم تعد مجرد سوق ناشئة، بل شريك استراتيجي محوري في أكبر مساري نمو عالمي: الذكاء الاصطناعي والطاقة، مع تدفقات استثمارية متبادلة بقيم غير مسبوقة، في ظل تطابق الرؤى بين الرياض وواشنطن.
قال جنسن هوانغ الرئيس التنفيذي لشركة "إنفيديا": "نعمل مع السعودية على بناء قواعد بيانات مستقبلية." وفي ختام المنتدى، أعلن إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركات "تسلا" و"سبيس إكس" و"إكس إيه آي"، عن مشروع سعودي - أميركي ضخم يشمل إنشاء مركز حوسبة للذكاء الاصطناعي بقدرة 500 ميغاواط في المملكة بالتعاون مع السعودية و"إنفيديا". وأوضح أن المشروع جزء من خطة أوسع، مؤكداً أن المملكة تمتلك الطاقة والسرعة اللازمة، ومتصوراً مستقبلاً تصبح فيه السعودية لاعباً رئيسياً في بناء "عصر الوفرة المطلقة" الذي يختفي فيه الفقر ويتحول العمل إلى خيار لا ضرورة.





